العراق المقاوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

آخر خيارات الهزيمة

اذهب الى الأسفل

آخر خيارات الهزيمة Empty آخر خيارات الهزيمة

مُساهمة من طرف مدير الموقع الأحد 3 ديسمبر 2006 - 19:27

آخر خيارات الهزيمة Hazema_saraf
علي الصراف
حتى قبل أسبوعين، كان السؤال الأكثر إثارة للعجب، بالنسبة لخيارات الولايات المتحدة في العراق هو: ما معنى دعوة إيران وسوريا (وفيما بعد بقية دول الجوار: السعودية وتركيا والاردن) الى المشاركة في المساعي الأمريكية الرامية الى "إعادة الاستقرار"، بينما الكل يعرف انه لا إيران ولا سوريا، ولا أي من دول الجوار الأخرى، لها أي علاقة، مباشرة أو حتى غير مباشرة، بعمليات المقاومة، التي تشكل السبب الرئيسي، إن لم يكن الوحيد، للمأزق الأمريكي في العراق؟
وكان السؤال اللاحق هو: ما الذي يمكن لهذه الدول أن تفعله، إذا كانت الولايات المتحدة، بكل جبروتها العسكري وإمكانياتها المادية، فشلت في تحقيق الهدف؟ ولكن إذا عرف السبب، بطل العجب. ولكي يتضح السبب، يتطلب الأمر إعادة ترتيب للحقائق.
أولاً، الولايات المتحدة، تعرف أنها فشلت عسكريا وسياسيا في العراق، وأنها لم تعد قادرة على إكمال المهمة.
ثانيا، الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة ثلاثة: الانسحاب في غضون أشهر، البقاء الى الأبد مما يتطلب زيادة دراماتيكية في حجم القوات، أو الانسحاب الى قواعد "آمنة" داخل العراق وتقديم المساعدة لمليشيات الحكومة العراقية.
ثالثا، حيث أن العراق يندرج، حسب الاستراتيجية الأمريكية ("الجمهورية" و"الديمقراطية" في آن معا) في إطار "الحرب ضد الإرهاب"، فان الانسحاب في غضون وقت قصير، سوف يعني إعلانا بالفشل، وسيهز مكانة الولايات المتحدة في العالم، ويهدد بقاء إسرائيل، كما يهدد استقرار الدول الحليفة لواشنطن في المنطقة. وهكذا فان الانسحاب السريع ("إقطع واهرب") "ليس خيارا".
رابعا، الولايات المتحدة عاجزة كليا عن تجنيد أعداد كبيرة من القوات لسوقها الى جحيم العراق. ما يعني أن الخيار الثاني "ليس خيارا" أيضا.
خامسا، ليس هناك سوى خيار واحد، وهو الذي أكده الرئيس الأمريكي جورج بوش عقب اجتماعه بـ"رئيس الوزراء" العراقي نوري المالكي في عّمان الخميس الماضي، (قبل ان تعلن اللجنة التي يرأسها وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر تقريرها الذي سينشر الأربعاء المقبل (6 ديسمبر-من كانون الأول) حول خيارات السياسة الأميركية في العراق) وهو: "البقاء حتى إنجاز المهمة" لمساعدة المالكي (الذي حصل على لقب "الرجل القوي")، مما يسمح بالجمع بين خفض القوات الأمريكية وبين البقاء في العراق الى أمد غير محدود. سادسا، بما ان الحرب في العراق، هي "حرب ضد الإرهاب"، وبما أن دول الجوار ملتزمة (علناً وضمناً) بمساعدة الولايات المتحدة، فإنها ستكون ملزمة بمساعدتها في التغلب على المقاومة العراقية ضد الاحتلال... باعتبار هذه المقاومة "إرهاباً".
سابعا، الولايات المتحدة تدرك، (بل ويمكن أن تعترف) أن لإيران نفوذا لا يمكنها مواجهته او التغلب عليه في العراق. وبالتالي فان الاعتراف بهذا النفوذ سوف يعني، (سواء بالربط بين/او بمعزل عن أي قضايا أخرى، مثل الملف النووي)، إمكانية "تقاسم المصالح" في العراق مع إيران. وتقاسم المصالح خير من خسارتها كلها. ولكي لا تبدو الصفقة كصفقة ثنائية مغلقة (إيرانية-أمريكية)، فترفع إيران سقف مطالبها، فإنها يجب ان تكون "صفقة إقليمية"، تأكل، من ناحية، من حصة إيران في العراق لحساب دول الجوار الأخرى، وتطلق يد الولايات المتحدة وإسرائيل، من ناحية أخرى، في التعامل مع قضية الملف النووي الإيراني بصفة مستقلة، بحيث يتم >تحييد العواقب في العراق< (على القوات الأمريكية خاصة)، إذا قررت إسرائيل القيام بـ>عملية استباقية< تعيد المشروع النووي الإيراني، بضع سنوات الى الوراء. وهكذا يكون العراق، المتفق على تقاسم الحصص فيه، بمثابة "وسادة" عازلة تجاه أي رد فعل إيراني.
وبطبيعة الحال، فان الولايات المتحدة وإسرائيل تفضلان أن يشكل تقاسم المصالح في العراق إغراء كافيا (فوق كل إغراءات "حزمة الحوافز" السابقة) لكي تتخلى إيران عن عمليات التخصيب، او في الأقل، لكي تؤجلها لبضع سنوات. (الرئيس بوش كان قد قال قبل نحو أسبوعين: "إذا قامت إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية، فانه سيتفهم الدوافع").
ثامنا، تقسيم العراق خيار "لا يشتغل"، لانه سيكون دافعا للمزيد من أعمال العنف، ولتحويل الحرب الأهلية واعمال "التطهير العرقي" التي تقوم بها المليشيات الشيعية بإشراف ومساعدة قوات الاحتلال، الى حرب معلنة وشاملة. وحرب كهذه لا يمكن ضبطها، ولا أحد يعرف كيف ستنتهي. كما ان التقسيم سيحوّل كل المناطق الخارجة عن السيطرة في العراق، الى "دولة" يهيمن عليها الإسلاميون المتشددون، بل وربما "تنظيم القاعدة" بالذات. وسيكون لهذه "الدولة" "حدود" مباشرة مع الأردن والسعودية وسوريا. وهات من يمكنه وقف "تصدير الإرهاب" الى هذه الدول.
تاسعا، تقسيم العراق، وغرقه في أتون حرب أهلية شاملة، سوف يُجبر القوات الأمريكية إما على الانسحاب، أو التحالف مع هذا الطرف ضد ذاك. وهذا أمر خارج عن حدود استراتيجيات البنتاغون، لانه يحوّل القوات الأمريكية، بصورة رسمية، الى مليشيات. عاشرا: بينما ظلت دول الجوار العراقي، تتخذ موقف المتفرج لترى، كل لاسبابه الخاصة (على الأقل تحت تأثير الجرح الفلسطيني المفتوح)، كيف ستخرج الولايات المتحدة من العراق وهي تجر ذيول الخيبة، فان "المسؤولية المشتركة" في "الحرب ضد الإرهاب" هي التي تقف وراء إستعداد واشنطن لتقاسم المصالح في العراق، على أسس طائفية-إقليمية، بدلا من تقسيمه. لهذه الأسباب ذهب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني الى السعودية الأسبوع الماضي، ولهذه الأسباب أرسلت السعودية، عقب زيارة تشيني، وفدا الى إيران إستقبله الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد "هاشّا باشّا" بالقول ان: "المسؤولية الملقاة على عاتق هذين البلدين مسؤولية كبيرة حيث تمتين أواصر الأخوة والتعاون بين البلدين يعود لصالح العالم الإسلامي". ولهذه الأسباب ذهب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى بغداد، قبل أسبوعين، ليوقع اتفاقا لاعادة العلاقات الدبلوماسية. ولهذه الأسباب ذهب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في زيارة الى الأردن الأحد الماضي للقاء الملك عبد الله الثاني للتباحث "حول الأوضاع الراهنة". ولهذه الأسباب أرسلت تركيا، في اليوم نفسه، نائب رئيس الوزراء الى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد "لبحث الأوضاع في المنطقة" (أيضا).... فهل هناك حاجة لانتظار ما ستقوله لجنة بيكر الأربعاء المقبل حول "خيارات" الولايات المتحدة؟ ولئن تبدو الولايات المتحدة كالغريق الذي يتعلق بقشّة، ولكن ماذا تريد من هذه الدول ان تفعل في مقابل الحصول على "حصة" في العراق؟
انها تريد: أولا، ضبط الحدود مع العراق، بحيث لا تكون ممرا لأسلحة أو مقاتلين، وتسليم المشتبه فيهم الى السلطات العراقية (لتعذيبهم وإعدامهم ورمي جثثهم في العراء فورا).
ثانيا، مساعدة حكومة الاحتلال على ضبط الأوضاع الأمنية، في المناطق الحدودية القريبة منها، وتقديم أسلحة لمليشيات الحكومة ومعلومات استخبارية وتسهيلات، الأمر الذي سيجعل هذه الدول شريكا ميدانيا في المواجهات ضد مجموعات المقاومة العراقية.
ثالثا، تقديم استثمارات وقروض ومساعدات وخبرات ادارية تساعد حكومة الاحتلال على التغلب على المصاعب الاقتصادية والفشل الإداري. فيكون الأمر يبدو كما لو انه "مشروع مارشال" أمريكي-إقليمي لما قد يُزعم أنها محاولة ثانية "لإعادة بناء" العراق، ومحاولة رابعة عشر "لكسب قلوب وعقول" العراقيين (ولو بلهجة فارسية).

رابعا، إرسال قوات لمساعدة مليشيات الحكومة العراقية، كلما اقتضت الضرورة. او ربما إنشاء قوات "تدخل سريع" لمساعدة القوات الأمريكية في عمليات المطاردة والتصفيات ضد المقاومين.
وهكذا، فبدلا من احتلال واحد، ستكون هناك عدة إحتلالات مشتركة، بقيادة الولايات المتحدة. وبدلا من ان تكون حكومة التحالف الشيعي-الكردي خاضعة لأهواء طهران وتدخلات "الحرس الثوري" الإيراني، فان هذه الأهواء يمكن ان تتوزع أيضا بين "الحرس الوطني" السعودي و"الحرس الانكشاري" التركي و"الحرس الملكي" الأردني، و"الحرس الجمهوري" السوري (اذا وجد). الضحية الرئيسية في بغداد ستكون "جيش المهدي" بقيادة الشاب المشاغب، مقتدى الصدر، الذي لم يفهم، فيما يبدو، مقتضيات الشراكة الإيرانية-الأمريكية. ومقتضاه هو، انه إما أن ينخرط في التحالف الشيعي-الأمريكي، وإما أن يتعرض للسحق والمحق، لانه سيدخل، في نظر الأمريكيين، في الحقل الذي يدخل فيه حزب الله اللبناني في نظر الإسرائيليين.
وهذان خياران سيجعلان من "تيار الصدر"، إما مهزلة، أو تراجيديا؛ مهزلة، بالانقلاب على نفسه والتحول الى حَمْل وديع يكتفي بمهمات القتل الجماعية ضد السُنة، من دون مزاعم نفاق "وطنية" مناوئة للأمريكيين؛ أو تراجيديا، بان يتحول الى هدف مباشر لهجمات التحالف الشيعي-الأمريكي، من دون ان يجد لنفسه مكانا بين وطنيي المقاومة الذين أوغلت مليشياته في رقابهم ذبحاً، وفي جلودهم سلخاً. ولكن، هل يمكن لتحالف "الراغبين" الجدد ان ينجح في ما فشل فيه "تحالف الراغبين" القدامى الذي ضم 23 دولة، ووافته المنية في غضون أقل من سنتين؟ "كعب أخيل" خيار الغارقين في المستنقع العراقي هو: أولا، أن القضية في العراق هي قضية إحتلال ظالم وجائر ومجرم، لا قضية "حرب ضد الإرهاب". فالعراق لم يكن له شأن بالإرهاب ليكون ضحية غزو تسبب في قتل أكثر من 556 ألف ضحية، وفي تدمير بلد بكامله، وتسبب في انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية لا تقل بشاعة عما إرتكبه النازيون ضد ملايين الأبرياء؛ ولا كانت لديه أسلحة دمار شامل. ثانيا، الإرهاب، إذا وجد، فانه جاء بسبب الغزو. انه نتيجة للغزو، لا العكس. وبالتالي فان "الإرهاب" لا يشكل مبررا لاستمرار الاحتلال ولا يوفر غطاء لجرائمه. ثالثا، بالنسبة للوطنيين العراقيين، فان غزو العراق كان باطلا من الأساس. وباطلٌ كل ما بُني على باطل. رابعا، حكومة المليشيات الطائفية، كما القوات الأمريكية، ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية تستوجب المحاكمة. والمجرمون ليس من حقهم ان يقرروا مصير البلد الذي دمروه. خامسا، العملاء لا مستقبل لهم في العراق، (لم يكن لهم مستقبل في أي مكان آخر على امتداد التاريخ) ومصيرهم الهزيمة. العراقيون لا ينظرون إليهم باحترام و"يستضرطونهم" (بالتعبير المحلي) مهما فعلوا، مما يجعلهم عاجزين عن إدارة السلطة أو أي من مؤسساتها. خامسا، حكومة الاحتلال هي حكومةُ فسادٍ مدججٍ بالأسلحة والمليشيات، مما يجعل مكافحته مستحيلا. ومن المستحيل لحكومة، على هذا المستوى من الفساد والانحطاط الأخلاقي، ان تظهر بمظهر، لا يدفع، بحد ذاته، الى المقاومة. سادسا، التصدي بالقوة لأي مقاومة وطنية مسلحة يستجلب المزيد من الجرائم والانتهاكات، وهذه تستجلب بدورها المزيد من المقاومة. هذا ما حصل، على امتداد السنوات الثلاث الماضية، وهذا ما سيحصل على امتداد السنوات الثلاثين المقبلة (اذا تطلب الأمر). سابعا، السُنة في العراق ليسوا أقلية. إنهم امتداد لأكثرية. ويتصرفون بعقلية أكثرية. وهم، الى ذلك، أهل المركز والحواضر المدينية. ولأنهم كذلك، فقد كانوا هم الذين بنوا العراق كدولة ومؤسسات وإدارات لجميع العراقيين. ويبلغ تعدادهم أكثر من 10 ملايين نسمة (ما يوازي عدد سكان النمسا). فلئن "نجح" الاحتلال بتهميشهم وفي ارتكاب شتى الفظائع ضدهم، إلا انه لم ينجح في كسر شوكتهم، ولن ينجح في إبادتهم حتى ولو إستعان بالمزيد من "فرق الموت" وبعشرين "جيش المهدي". النازيون نجحوا في غزو النمسا إلا انهم لم يتغلبوا فيها ولا عليها. ثامنا، هناك مقاومة وطنية في كل أرجاء العراق، من كردستان الى البصرة، يشارك فيها عراقيون يمنحون الأولوية لـ"عراقيتهم" وينأون بها عن التلوث بأي طائفة أو عرق أو أقلية. وهؤلاء، هم الأكثرية الساحقة التي تشكل "الحاضنة الاجتماعية" العريضة للمقاومة. تاسعا، الوطنية العراقية تحولت الى "وطنية مقاتلة" تضم عشرات الآلاف من المسلحين الذين أجبروا على هجر منازلهم، او تعرضوا لاعمال إعتقال وتعذيب وإهانات، ولم تعد مجرد "مجموعات مسلحة". انها جيش جرار، مزود بامكانيات وخبرات وتقنيات تكفي لحرب قد تستمر لعشرات السنوات. عاشرا، الولايات المتحدة تخسر على حربها ضد العراق 84 مليار دولار، ونحو 1000 قتيل و8000 جريح سنويا (حسب أرقام البنتاغون) مما يجعلها حرب استنزاف لن تستطيع الولايات المتحدة المضي فيها الى الأبد. ولن تستطيع دول الجوار تحمل عشر معشار هذه التكلفة.

وهكذا، فان الهرب، وترك العراق لوطنييه، لجبهة مقاومته، ولمجاهديه (الإرهابيين طبعا)، سيكون هو الخيار الوحيد المتبقي للولايات المتحدة. وعام 2007 سيكون، في هذا الإطار، هو عام الحسم. يكفي للمقاومة أن ترفع وتيرة عملياتها ضد قوات الاحتلال وضد عملائها ومليشياتها، ليتضح مدى فشل "آخر خيارات" الهزيمة. يكفي للمقاومة أن تواصل حرمان حكومة المليشيات الطائفية من موارد النهب وتبقيها عالة على الاحتلال، ليتضح مدى سخف الاستعانة بعملاء، من طراز حكومة فيشي، لإدارة بلد بقيمة ومكانة وإرث العراق. ساعتها، سيتحول النزاع المخملي بين الديمقراطيين والجمهوريين الى ضرب بالأحذية. ساعتها، سيغرق الغارقون. وساعتها لن تنفع القشّة.
مدير الموقع
مدير الموقع
مدير عام الموقع

ذكر
عدد الرسائل : 207
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 29/10/2006

https://iraq.superforum.fr

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى