العراق المقاوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

'استراتيجية بوش'.. آخر طريق الهزيمة

اذهب الى الأسفل

'استراتيجية بوش'.. آخر طريق الهزيمة Empty 'استراتيجية بوش'.. آخر طريق الهزيمة

مُساهمة من طرف مدير الموقع الأحد 14 يناير 2007 - 18:58

علي الصراف
'استراتيجية بوش'.. آخر طريق الهزيمة 01030510
بعد أربع سنوات وأكثر من 600 ألف ضحية من المدنيين العراقيين و3000 جندي أمريكي قتيل و25 ألف جريح (الكثير منهم أصيب بعاهات دائمة)، وخسارة أكثر من 800 مليار دولار، وبعد دمار لا يوصف وحطام اجتماعي واقتصادي يفوق التصور، اعترف الرئيس جورج بوش بفشل استراتيجيته في العراق، وقال انه يتحمل المسؤولية عن الأخطاء.

في السابق، عندما كان المسؤولون السياسيون يتحلون بمقدار، ولو قليل، من الشرف، فان إقرارهم بالمسؤولية عن الأخطاء، كان يعني انهم سيقدمون استقالتهم. اليوم، وبعد أن اصبح الشرف من لزوم ما لا يلزم في "الديمقراطيات" الغربية، فان المسؤولين، من أضراب جورج بوش، يفعلون شيئا آخر: يقترحون استراتيجية جديدة أسوأ، ويعززون قواتهم ليرتكبوا أخطاء أكثر.

ولا جديد في هذا. فالعديد من الرؤساء الأمريكيين فعلوا الشيء نفسه، وانتهوا الى قبول الهزيمة. ومشكلة الرئيس بوش الحقيقية هي انه لم يأت بجديد. وسينتهي الى
قبول الهزيمة مثلهم، إنما بعد تحويل الجريمة الى واحدة من أكثر المشاهد النازية ترويعا في التاريخ الحديث.

لا شيء في استراتيجية بوش لم يجرب خلال السنوات الأربع الماضية. ويكاد من العسير على كل ذي عقل أن يفهم كيف سيمكن لـ20 ألف جندي إضافي أن يفعلوا ما لم يفعله 140 ألف من أقرانهم. وهذا العدد من الجنود كان متاحا، على أي حال، قبل أن يهرب شركاء "تحالف الراغبين" من الميدان الواحد تلو الآخر. وهم فشلوا حتى عندما كان عدد الجنود من قوات التحالف يزيد على 200 ألف. وبرغم أن التركيز سيذهب في اتجاه شن هجمات "قطّاعية" لـ"تطهير" أحياء وشوارع بعد محاصرتها وعزلها، وربما إبادة كل من قد يبقى من السكان فيها، فان "عبقرية" القتل الجماعي ليست جديدة هي الأخرى. الفلوجة ما تزال شاهدا حيا على الفشل.

وهناك الكثير من الشواهد الأخرى التي تثبت إن استراتيجية العزل والتطهير لم تنجح في الحد من أعمال المقاومة ضد قوات الاحتلال. وستثبت أحياء بغداد، وكل مدينة من مدن المقاومة، الشيء نفسه.

فهل يحمل الرئيس بوش شهادة بيطرية تثبت انه غبي لكي يفترض انه سينجح؟

ما يستطيع المرء تخمينه هو أن الرئيس بوش لم يحصل على شهادة كهذه بعد. وكذلك هو الحال بالنسبة للكثير من الباحثين والخبراء والمفكرين والأساتذة الجامعيين والاستراتيجيين وكبار الضباط والسياسيين والإعلاميين والصحافيين والنواب والشيوخ الذين يتحملون المسؤولية عن صنع الاستراتيجية الأمريكية في العراق. فهم لا يحملون تلك الشهادة أيضا، ولكنهم أثبتوا على مر السنوات الأربع الماضية أنهم اغبياء مثله، وأن علاقتهم الطارئة بالجنس البشري ليست سوى حادث بيولوجي مؤسف. ولا يحتاج المرء هنا أن يأتي على ذكر توني بلير. فهذه الدابّة الذليلة أكثر انحطاطا ووضاعة حتى من أن يمكن ضمها الى فصيلة القرود (لأن القرود ستحتج).

ولكن ما هو الفشل؟ كيف يمكن تعريفه من وجهة نظر استراتيجية بوش؟

انه، ببساطة، لا يتعلق بأسباب أو مبررات أعمال القتل التي تقوم بها قوات الاحتلال ومليشياتها الطائفية ضد مجموعات المقاومة، وإنما بأساليب هذه الأعمال.

هذه هي كل الاستراتيجية.

وهذا ما لن يكون سوى سبب آخر للفشل. فلو كان قتل الأبرياء، والتنكيل بالملايين، نافعا من قبل، فلعله كان سينفع مع العراقيين. ولكن لا يوجد شاهد تاريخي واحد يقول انه ينفع.

***

ومع الاعتراف بالفشل، ألم يكن من الأجدى، أن يبحث "استراتيجيو" واشنطن عن مخرج من الحفرة، بدلا من مواصلة الحفر فيها؟

ألم يكن من الأكثر فاعلية التفاوض مع المجاهدين على انسحاب مشرف بدلا من الاندفاع في مسار الفشل ذاته؟

وعندما تفشل استراتيجية، ألا يكون من الأصح طويها بكل ما جاءت وما حملت من خيارات ووسائل وأعمال وأشخاص؟

أليس من الحكمة "أن تلتحق بهم، إذا لم تكن قادرا على هزيمتهم" (كما يقول المثل الإنجليزي)؟

وهل المشكلة في "الاستراتيجية" مشكلة عسكرية فقط، أم سياسية و...استراتيجية أيضا؟

أليس واضحاً إن الاحتلال ذاته هو المشكلة؟

أليس واضحاً أيضا انه أصبح مشكلة لانه قام، في الأصل، على مشروع استراتيجي أحمق؟

أليس واضحاً إن هذا المشروع قام بدوره على أكاذيب وأطماع وأحقاد سافلة؟

أفلا يحسن بالذين يعيدون النظر، أن يعيدوا النظر بكل ما فعلوا حقاً وفعلاً؟

وإذ يسفر الفشل عن جريمة، فهل من الكثير على الضحايا أن يُعترف لهم بأنهم كانوا ضحايا جريمة، وأن مرتكبيها يستحقون العقاب؟

ومع الاعتراف بالفشل، ألم يكن من الحَري الاعتراف بان حكومة الطائفيين والعملاء والسفلة هي جزء من هذا الفشل؟

ألم يكن من الحَري بهؤلاء أنفسهم أن يدركوا أن مشروعهم الطائفي لن يجلب على طوائفهم نفسها، في آخر المطاف، إلا الكارثة؟

ألا يبدو من المفيد، والمنطقي، أن يهربوا قبل ان يهرب سيدهم لتحاشي المجزرة التي ستلحق برقابهم؟

أفهل يظنون أن عمائمهم النجسة ستنجو مما دنست ومما ارتكبت؟

وإذ جعلوا بينهم وبين الوطنية والإرادة الحرة نهراً من الدم، فهل تركوا لأنفسهم خط رجعة؟

وهل سيحصلون على شفاعة أحد، هم الذين تولوا شعبهم "ولية المخانيث" فكتَّفوه بأيدي الغزاة لينزلوا فيه انتقاما وتعذيباً وقتلاً؟

وحتى لو بقي الاحتلال لهم سنةً او سنتين، أفهل يظنون انه سيبقى لهم الى الأبد؟

ثم، أفلا يستسقي الدمُ دماً؟

وهم إذ حفروا لشق عريض.. عريض من أبناء شعبهم بئرا، أفلم يكن من الحكمة ألا "يغمقوا مساحيها" "خوف الفلك يندار..." وهم الذين يقعون فيها؟

هل تركوا شيئا لم يفعلوه، هم الذين صاروا يسبحون بدم الأبرياء سباحةً، باسم محاربة "الإرهاب"؟

ألا فلينتصر الإرهاب على جبنهم ونذالتهم وعمالتهم.

ألا فلينتصر الإرهاب على وحشيتهم وحقدهم الأعمى.

ألا فلينتصر الإرهاب على إستراتيجياتهم،...

فهذا هو آخر طريقهم الى الهزيمة.

***

السؤال الحقيقي الذي يواجه العراقيين هو ليس ما إذا كانت استراتيجية بوش ستفشل. ولكن، ماذا سيكون بعد الفشل؟

وقد لا تعدو زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق كونها مقامرة بحياة المزيد من القَتَلة والأبرياء معا، إلا أن عواقب الفشل هي ما يحسن النظر إليه الآن.

وسيكون هناك، في هذا المنعطف، قولان. قول الغريزة، وقول العقل.

تقول الغريزة:

مع انهيار الاحتلال وحكومة عملائه سيسفك الكثير الكثير من الدم،..

فإذا كان هذا هو الثمن لتطهير العراق من النجاسة الطائفية، فليكن.

وتقول الغريزة:

حتى لو كان الذين استمرأوا الاحتلال وتواطأوا معه واستفادوا منه مليونا، فان ملاحقتهم ستكون حقا.

فإذا تم ذبحهم في الشوارع كما تذبح الخراف هو الثمن لكي تعود العمالة عارا وعيبا، فليكن.

وتقول الغريزة:

سيجد العملاء الكبار أنفسهم محاصرين أكثر مما هم محاصرون الآن،..

فإذا كان سحلهم وتقطيعهم إربا إربا هو الثمن ليصبحوا عبرةً للتاريخ، فليكن.

وتقول الغريزة:

فوق الخراب الذي ساقه الاحتلال على بلدٍ ظل عامراً، فقد يقع خراب أكبر،..

فإذا كان استكمال الجحيم ثمنا لاعادة بناء وطن زاهٍ وباهٍ وحر، فليكن.

فهم إذ لم يتركوا جريمة إلا وارتكبوها تحت ستارة الحقد والانتقام، فان غسل عارهم بالكثير من الدم لن يكون بالضرورة شرا.

ولكن سيقول العقل شيئا آخر:

فالدم إذ لا يورث إلا الدم، فان حقنه رحمة.

وإذ ارتكب العراقيون في حق بعضهم الكثير من الأخطاء فان الحؤول دون تكرارها حكمة.

ولئن وقعت فيهم الكثير من الجرائم فان الجريمة لا تُغسل بمثلها، بل برفعة القانون وسيادته واستقلاله.

وإذا كانت الطائفية عارا، فان الطائفية المضادة لن تحقق للوطنية نصراً.

لقد أتيحت لخصوم "الدكتاتورية" فرصة لكي يبنوا بلداً ديمقراطيا، ولكنهم، بسطحيتهم وأحقادهم وانحطاطهم، بددوا الفرصة.

كان بوسعهم أن يقيموا دولة قانون، فأقاموا جمهورية موت،

كان بوسعهم أن يركبوا مركب الوطنية، فلاذوا بتقاسم الحصص والطائفية،

كان بوسعهم أن يكونوا دولة لم شمل وتآخ وضم، فكانوا دولة عنف وتنكيل وفُرقة،

كان بوسعهم أن يبنوا لمصلحة الآخر في وطنهم قبل مصلحتهم، فاكتفوا بالنهب والسرقة،الوطنيون الحقيقيون، والمجاهدون الحقيقيون، والأبطال الحقيقيون لن يقعوا في هذا الفخ. ولسوف يتعالون على دوافع الحقد والانتقام من اجل أن يبنوا وطنا يتشارك فيه الجميع كأخوة، لا من أجل أن يبنوا مقبرة.

لن نغفر للخونة، ولكننا لن نكرر ما فعلوا، وذلك ليبقى عارهم عليهم وحدهم خالدا فيهم الى الأبد.

فهذا هو آخر طريق الهزيمة، للاستراتيجية الأمريكية ولعملائها،..

ويجب أن يكون آخرها فعلا للوطنيين أيضاً.

ساعتها، سيعود العراق سيداً ورائعاً وحراً.


مدير الموقع
مدير الموقع
مدير عام الموقع

ذكر
عدد الرسائل : 207
العمر : 54
تاريخ التسجيل : 29/10/2006

https://iraq.superforum.fr

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى