العراق المقاوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إشتراكية البعث ومنهاجه الإقتصادي : الجزء الرابع

اذهب الى الأسفل

إشتراكية البعث ومنهاجه الإقتصادي : الجزء الرابع Empty إشتراكية البعث ومنهاجه الإقتصادي : الجزء الرابع

مُساهمة من طرف عزالدين بن حسين القوطالي الخميس 31 يناير 2008 - 12:47

إشتراكية البعث ومنهاجه الإقتصادي

الجزء الرابع


نظرتنا للرأسمالية و للصراع الطبقي


أحمد ميشيل عفلق




لا احسب ان ثمة حاجة للتفصيل في ان كل نظرة الحزب وما كتب خلال هذه السنوات تفيد اننا رفضنا منذ البدء ونهائيا النظرة الرأسمالية، او اننا رفضنا كل مفهوم يجعل الاشياء اعلى من الإنسان لانه هو القيمة العليا في نظر حزبنا والرأسمالية بجملتها قائمة على العكس.



ليست الرأسمالية فلسفة انما هي واقع: انها تنازل الانسان وتراجعه امام الأشياء التي خلقها والتي أبدعها وأنتجها. واذا فهم من الرأسمالية التسليم بالحرية التي لا حد لها للتملك الفردي و لما ينتج عنه من نتائج، وان هذه الحرية بهذا الشكل مقدسة لا يجوز للانسان او للمجتمع او للدولة ان تمسها او تعرقل سير نظامها، فهذه نظرة لا يوجد اليوم من يدافع عنها حتى في الدول الرأسمالية ذاتها، اذ أن هذه الدول أو المجتمعات الرأسمالية نفسها اخذت تعترف اخيرا بأن التملك الفردي المطلق من كل قيد ليس مقدسا ولا يعطي دوما النتائج الصحيحة ولا ينسجم دوما مع المصالح العامة وانه لا بد من تدخل الدولة ومن ان يحسب لمصلحة المجتمع حسابها. اما الذين يريدون ان يفهموا من الرأسمالية بل الاشتراكية التي ننادي بها نحن والتي تنادي بها شعوب كثيرة: اشتراكية حية واقعية غير مصطنعة لا تريد ان تبدل مرضا بمرض ولا تريد ان تقضي على صنم الرأسمالية لتقيم مقابله صنم المجتمع الذي يستعبد الافراد و يقتل فيهم الاندفاعات الخيرة. فهذه هي الاشتراكية، الاشتراكية التي تعتبر الانسان كما قلنا القيمة العليا وانه يبقى دوما مسيطرا على الاشياء التي خلقها وانه بالتالي يجب ان توجد تلك الصيغة الحقيقية الحية الحكيمة التي تقضي على الاستغلال بكل اشكاله دون ان تقتل حرية الافراد.



واتطرق بهذه المناسبة الى سؤال عن الطبقية و هل يؤمن بها الحزب ام لا؟ ليس في فكرة الحزب طبقية بالمعنى الذي تفهمه الماركسية ولكن فيه طبقية. أي اننا نعترف بها وان كنا لا نتبنى المفهوم الماركسي لها. فالماركسية اقرت حقيقة واقعة عندما قالت بأن الصراع في هذا العصر هو بين الطبقات وجعلته بهذا قانون التطور التاريخي وهي محقة في تعليلها واستقرائها لمميزات هذا العصر. اذن هنالك صراع بين الطبقات لا يجوز تجاهله، الا ان الماركسية انطلقت من نظرة وجعلت هذا الصراع على النطاق العالمي الاممي وتجاهلت الى حد بعيد اذا لم نقل انها تجاهلت تماما، هذا التكوين التاريخي الحي للقوميات حين اعتقدت بأن الروابط التي تجمع الطبقة العاملة والمستغلة في جميع بلدان العالم هي اقوى بكثير من الروابط التي تجمع طبقة معينة في امة معينة بقوميتها.



مما لا شك فيه ان هناك ضمن الامة الواحدة صراعا بين الطبقة المالكة لوسائل الانتاج والطبقة المحرومة منها. الا انه حتى في نطاق الامة الواحدة لا يمكن ان ينظر الى هذا الصراع بالشكل الحرفي الضيق الذي صورته الماركسية. فنحن اولا رفضنا الاممية بشكلها الماركسي وقلنا بتعاون حر بين الشعوب الاشتراكية الحرة، اذن فنحن نتعرف بصلتنا -صلة الشعب العربي- بالشعوب الاخرى وبامكان الالتقاء على صعيد واحد.



فنظرتنا اقرب الى الصواب والى الواقع حين جعلنا التعاون بين الشعوب تعاونا حرا، بين شعوب اختارت النظام الاشتراكي الحر ايضا. اما في داخل الوطن العربي فنحن طرحنا المشكلة على شكل مختلف: طرحنا المشكلة القومية كوحدة لا تتجزأ ولم نأخذ منها جزءاُ فقط كما فعلت الماركسية حين اخذت الناحية الطبقية، ناحية الصراع بين المالكين و المحرومين. مشكلتنا اوسع من ذلك واعمق بكثير: مشكلة وطن مجزأ مستعمر في بعض اجزائه، والتجزئة هي اكبر عائق في طريق نهضته، وهي مشكلة وطن متخلف في شتى النواحي: في الفكرة والاقتصاد والسياسة، وفي كل شيء، ويحتاج الى ان نبني فيه كل شيء من جديد. لذلك جعلنا الشعب العربي في صف والذين يعادون ويعرقلون القضية القومية ويقفون في سبيلها، جعلناهم في صف آخر. فليس فقط الرأسماليون والاقطاعيون هم اعداء الشعب العربي، بل ايضا هم السياسيون الذين يتمسكون بالتجزئة لانها تفيدهم شخصياٌ، وليس هؤلاء فحسب بل اولئك الذين يسايرون الاستعمار بشكل من الاشكال، وأولئك الذين يعادون الفكر والعلم والتطور والتفتح والتسامح والذين يقاومون او يحولون دون تحرر أمتنا، وضعناهم في صف ومجموع الشعب العربي في صف آخر... فنحن اذن لا نستطيع ان نقول اننا قسمنا امتنا الى طبقات او طبقتين: ان رجل دين مثلا يبذر بذور التعصب وهو فقير لا يملك ثروة يسيء الى الشعب بقدر ما يسيء الرأسمالي المستغل للعمال والاقطاعي للفلاحين...



ان على هذه الوحدة في قضيتنا وهذه النظرة القومية التي ترفع مشكلتنا الى صعيد أرقى واصدق من الصعيد الاقتصادي البحت ان لا تنسينا ان المشكلة الاجتماعية في اللب والصميم، واننا اذا تساهلنا أي تساهل بحجة القومية مع طبقة المستغلين والرجعيين نكون قد افقدنا نضالنا العصب الفعال. فهذا الصراع بين جمهور الشعب المحروم وبين الطبقة المستغلة والمستعصية على كل تطور وكل استجابة الى المصلحة القومية ليس فيه الا الخير، ويجب ان لا نخاف منه اذ منه تخرج النهضة القومية. من تحرير الشعب المحروم يتكون المواطن العربي الصالح الذي يستطيع ان يفهم قوميته وان يحقق قيمتها لان القومية تبقى مجرد الفاظ مع الظلم والفقر والحرمان.



فالمشكلة ليست سهلة كما تظنون، ان علينا، هنا كذلك، ان نبقي التوتر بين طرفي المشكلة. ولنحذر دوما ان نضيع الفكرة القومية وتلتبس مع المصالح الطبقية المجرمة حين يتغنى اصحاب هذه المصالح كذبا و بهتانا بالمصلحة القومية لينقذوا جلودهم، واقوالهم عندما يحاولون ان يؤثروا علينا: ألسنا ابناء شعب واحد؟ كل هذه الحيل الخبيثة يجب ان يبقى المناضلون فوقها وبمنجاة من التأثر بها. ان مفهوم القومية الشائع سواء في بلادنا او في بلاد الغرب هو في معظمه مفهوم سلبي زائف تدخله المصالح الرجعية و الاستغلالية، فعلينا ان نعري هذه القومية الزائفة من الزوائد السلبية الخبيثة، ونحن لا نخشى كثيراُ من هذه التعرية لانه يبقى دوما شيء قد يكون بسيطا جدا ليس له وزن مادي و لكنه شيء اساسي جدا، هذه هي القومية: انها ليست غرورا او استعلاء وليست تعصب امة ضد الامم الاخرى، انما غريبة تماما عن كل مصلحة مادية لفئة من الفئات في الامة، وهي الانسانية بالذات متحققة في واقع حي هو الامة...



اذن نحن لا نعترف الا بما في القومية من ايجابي يبقى بعد طرح كل العصبيات وكل الامور السطحية، انه عبارة عن الرابطة الروحية والتاريخية بين افراد الامة الذين طبعهم التاريخ بطابع معين و لم يغلقهم على الانسانية وباقي الامم وإنما اعطاهم لونا خاصا وتجسيدا خاصا لهذه الانسانية لكي يكونوا جزءا فعالا منها ومبدعا ومتجاوبا معها. هذه هي قوميتنا، لا تقوم على الحقد تجاه الاقوام الاخرى ولا تقوم على الحقد ضمن ابنائها. فالصراع الذي اقمناه في داخل امتنا ليس موسوما بالحقد وانما هو موسوم بالحق والخير. والحب في حقيقته قاس لاننا عندما نحب امتنا وافراد شعبنا ونريد لهم المستقبل الزاهر والحياة الكريمة، لا نتهيب من استعمال القوة ضد كل الذين يحولون دون هذا الارتقاء والنمو. فأصحاب المصالح المادية والمعنوية من حكام وغيرهم الذين يعرقلون وحدة الامة يجب ان يناضلهم الشعب نضالا عنيفا وحاسما.



عام 1956
عزالدين بن حسين القوطالي
عزالدين بن حسين القوطالي
مساعد المدير
مساعد المدير

ذكر
عدد الرسائل : 268
تاريخ التسجيل : 16/12/2006

http://yahoo.fr

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى