العراق المقاوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

من ينقذ أمريكا في شرم الشيخ؟

اذهب الى الأسفل

من ينقذ أمريكا في شرم الشيخ؟ Empty من ينقذ أمريكا في شرم الشيخ؟

مُساهمة من طرف المدير الثلاثاء 8 مايو 2007 - 21:42

من ينقذ أمريكا في شرم الشيخ؟



حكمت ناظم
اللآعبون الإقليميون الصغار في تحركاتهم وصراعاتهم، يريدون أن يكونوا تقريباً مثل الكبار من اللآعبين الدوليين الذين يملكون أوراقاً للعب على هذه الساحة أو تلك، يحركونها وفقاً لمصالحهم ومخططاتهم، إلا أن القاسم المشترك هو أن الكل يبحث عن مصالحه أو يدافع عنها، عدا مشيخات دول الخليج، فهي وإن إمتلكت أوراق الضغط (النفط) و(الأرصدة)، لكنها لن تستخدمها لا للدفاع عن النفس، ولا لإنتزاع حقوقها الوطنية والقومية!!
وتحريك الورقة الضاغطة ليس دائماً بإتجاه التصعيد والحرب، إنما من إجل الردع وعدم التطاول على الحقوق والمقدسات، ومن أجل إرساء التوازن المعقول في المصالح. ومهما يكن لاعبها عند التحريك، إقليمياً أم دولياً، فهو يستند الى قواعدها وشروطها، ومن غير الوقوف على قواعد اللعبة، فأن الأوراق جميعها، التي في يد اللآعب تصبح في مهب الريح، عندها تمسي الدولة مكشوفة، وليس لديها ما تجابه به أوراق الضغط، التي تمارس ضدها على المستوى السياسي والأقتصادي والتعبوي والأعلامي والأستراتيجي. فالدول، التي تتمكن من قواعد اللعبة، تستطيع أن تخلق أوراقاً للضغط لم تكن موجودة في حوزتها، إنما تأتي من خلال الفعل وليس إنسياقاً له بدواعي الرد أو الإستجابة المطلوبة. وكلما أحتفظت الدولة بأوراق ضغطها وعدم التفريط بها حيال وحدات سياسية أخرى، سواء كانت مجاورة أم بعيدة جغرافياً، كلما تكون قادرة على تحقيق مصالحها أو حماية نفسها بالتخلص من المآزق والمشاكل، التي قد تجد نفسها فيها أو محاصرة في إطارها. فهي بهذا المعنى تعد أداة من أدواة سياستها الخارجية، ومن الصعب تخيل دولة لا تملك أوراق الضغط (النفط، الأرصدة، الثروة الوطنية، الموقع الأستراتيجي، عناصر القوة، الأسلحة التقليدية المتطورة، الأسلحة غير التقليدية الرادعة، القرب من مسرح عمليات مشمول بالتخطيط، القرب من البقع الأقليمية المحتقنه..الخ)، تجاه دولة أخرى أو مجموعة دول تبعاً لطبيعة العلاقة وحجم المصالح ومستوى التحديات والمخاطر القائمة والمحتملة التي تستشعر بها هذه الدولة.
هذه المقدمة مهمة لفهم موضوع المؤتمر، الذي يرسم طبيعة إنعقاده والفرقاء المعنيون الذين شاركوا فيه من قريب أو بعيد، ماهية اهدافهم، وأين هي مصالحهم، وأين تكمن مشاكلهم، التي تحدثنا عنها في مقال سابق نشرته البصرة المناضلة بتاريخ 18/3/2007، تحت عنوان "مقاربات فاشلة.. على طريق الهزيمة".
الأمر الذي يتوجب تحديد أهداف هؤلاء الفرقاء في لعبة المصالح الأقليمية والدولية في هذاالمؤتمر، لكي تتوضح ملامح الصفقة المستقبلية للحالة، التي سيكون عليه العراق والمنطقة والعالم. لأن العراق، وحسب الرؤية الموضوعية، والقراءة الدقيقة لمسار الأحداث وتداعياتها، هو الذي سيقرر، أو فيه، أو على أرضه ستتقرر السياسات الأقليمية والدولية، أو بالأحرى سيعلن عن فشل المشروع الأمبراطوري الأمريكي رسمياً، وربما بأستحياء عند الهروب من العراق بغطاء دولي.
فما هي أهداف الذين شاركوا في مؤتمر شرم الشيخ، من اللآعبين الأقليميين والدوليين وغيرهم في الحشد، وما هي طبيعة سياساتهم من خلال ما أوكل اليهم من مهام، وكيف ينظرون الى العراق؟

أمريكا : بإعتبارها المحرك الأساس لعقد هذا المؤتمر، ولها مصلحة في عقده. 1- فهي تسعى الى مخرج إقليمي- دولي مشترك (شرعي)، لأضفاء الشرعية على خروجها من العراق، ولكن تحت دعاوى : عدم جواز خسارتها أو هزيمتها في العراق، لأن هزيمتها وخسارتها - حسب المنطق الأمريكي- هي خسارة وهزيمة لدول المنطقة برمتها، وعلى وجه الخصوص، الأنظمة الوكيله (مصر، والأردن، والسعودية)وتابعوها الصغار في الخليج. وهذا يعني في السيناريو السياسي الأمريكي، ربط الدول العربية الوكيلة وتابعوها بالسياسة الأستراتيجية الأمريكية المعدة للمنطقة، يحمل التخويف والتهديد في آن واحد، ولا يدع مجالاً لسياسات دول المنطقة، حتى إبداء وجهات نظرها حيال الملفات المطروحة. وتلك حالة مزرية بلغتها هذه الدول من التبعية، مسحت كل أوجه الكرامة الوطنية والقومية التي تدعيها. 2- التفتيش عن صفقة إقليمية يتم التوصل اليها في إطار الإنسحاب من العراق، مع إجراء بعض التسويات الجزئية، ومعروف عن أمريكا إنها لا تريد إكمال الملفات الإقليمية، إنما إبقاءها ساخنة، مثل القضية الفلسطينية، ومزارع الجنوب اللبناني، ودارفور، والصحراء المغربية، والجزر العربية في الخليج العربي، ثم المشكلة الكردية، و(محنطة) كما هي طريقة (جيمس بيكر) في الإمساك بملف الصحراء المغربية. والسبب في عدم رغبة الأدارة الأمريكية في حل هذه الملفات، هو كونها (أوراق) للضغط تستخدمها كلما تطلب الأمر إستهلاك مسالك ومعابر السياسة للوصول الى أهداف أخرى. مثلاً : تحنط ملف دارفور لتؤثر على السودان وإبقائه تحت رحمة الضغط، وكذا دول الجوار، لتخلق بؤراً للتوتر هي بحاجة الى أوراق قد تستخدمها للضغط أو المساومة في منطقة، ترى إنها قد تكون مبعثاً للأحتقان والتوتر. كما حنطت ملف الصحراء المغربية للتأثير على تلك المنطقة المهمة إستراتيجياً وسياسياً وإقتصادياً، والتي تعلق الإدارة الأمريكية عليها أهمية كبرى لإعتبارات خزينها النفطي في تلك الصحراء وسواحلها على الأطلسي في جانبه الأفريقي، فضلاً عن المنافسة الحادة الأمريكية الأوربية على مناطق النفوذ في شمال وعمق القارة الأفريقية. أما القضية الفلسطينية فهي ومنذ أكثر من نصف قرن ما تزال الأدارة الأمريكية تسيُرها في طريق لا نهاية له. فيما تجد طريقاً للتوصل الى حلٍ وسط بشأن الملف النووي الأيراني، طالما هي تريد حلاً دبلوماسياً على غرار تعاملها مع ملف كوريا الشمالية، بالرغم من عدم إمتلاك ايران للسلاح النووي، بيد أن الرغبة الأمريكية هذه يقابلها مطالب ايران بأثمان باهضة قد لا تستطيع الأدارة الأمريكية تحملها (نفط العراق وخزينه الأستراتيجي الكبير، إذا ما إستحوذت عليه ايران فسيبلغ ما لديها من خزين يصل (247) بليون برميل، فيما تبلغ إحتياطيات دول الخليج (483) بليون برميل، وإن محصلة خزين المنطقة سيكون (730) بليون برميل من النفط )، فضلاً عن النفوذ الأيراني في المنطقة، الذي يتقاطع مع مصالح دولها أولاً، ويتقاطع مع المصالح الأمريكية فيها ثانياُ!!
تلك هي أمثلة يمكن أن يقاس عليها بإعتبارها أساليب الأدارة الأمريكية في تحنيط الملفات الأقليمية وإستخدامها أوراقاً للضغط والمساومة والأبتزاز، دون أي خطوة على طريق إنجازها أو غلقها. والسبب في ذلك ايضاً : إن غلقها ليس في مصلحة الأدارة الأمريكية بإعتبارها لآعب دولي غير شريف!!

إيران : هي لآعبٌ إقليميٌ مهمٌ ومؤثرٌ له مصالحه كدولة قومية، تشير حقائق التاريخ والجغرافيا، الى أنها توسعية تجاه الوطن العربي، وعلى وجه الخصوص العراق والجزيرة العربية. ولما كانت أدوات التوسع الأستعماري وأغطيته في التدخل معروفة، ومنها إستخدام القوة العسكرية عند الإجتياح والأحتلال. فأن طبيعة التوسع الأقليمي للدولة الفارسية الصفوية، يعتمد أداة (الطائفية) المنصوص عليها في الدستور الأيراني الحالي في مادته الثامنة. وهي أداة تمزيق لنسيج الشعب العربي المسلم، بأسم الأسلام، الذي أدخل عليه الصفويون عبر مراحل التاريخ، البدع والتحريفات والتشويهات والطقوس، التي تتعارض مع القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بأسم الدين. فيما يخفي الصفويون أطماعهم ويغطون تاريخهم الأستعماري الأسود : فقد أجتاح هولاكو بمساعدة علقمي ايران بغداد عام 656 هجرية.. واحتل الشاه اسماعيل الصفوي بغداد وارتكب جرائم طائفية (914-920م).. واحتل الشاه طهماسب الصفوى بغداد وقيامه بمجازر طائفية (936- 940) هجرية.. واحتل الشاه عباس الصفوي بغداد وإرتكابه مجازر طائفية (1033-1048).. هجوم نادر شاه على البحرين عام (1736).. وهجومه على عمان- مسقط عام (1737- 1738) ميلادية، واحتلالها عام (1743).. ثم احتلال عربستان (1757- 1765) ميلادية.. وإعلان ايران ضم البحرين بأسم المحافظة (14) عام 1954.. ثم احتلال الشاه محمد رضا بهلوي للجزر العربية الثلاث في الخليج العربي عام 1971، والمطالبة بالبحرين عام 1980.. والدور الأيراني في احتلال افغانستان عام 2001، واحتلال العراق عام 2003، معروف هو ايضاً للعالم!!
هذا هو الجانب العسكري التوسعي الأستعماري الأيراني، يكشف عنه التاريخ، إلا أن انكسارها العسكري أمام العراق في القادسية الثانية عام (1988)، دفع بها الى تبني (الأيديولوجيا) الطائفية، كخيار استراتيجي، امتد فعله ليشمل (جنوب لبنان، وشمال صنعاء " الحوثي "، وإنشاء خلايا طائفية في فلسطين تحت إغراءات الدعم الإعلامي الأجوف للقضية الفلسطينية، وخلايا في الكويت والسعودية والإمارات العربية والجزائر والمغرب، وإرسالها الدعاة للتبشير بمذهبها الطائفي غير الأسلامي، الذي يشوه الدين الأسلامي الحنيف، ويشوه المذهب الجعفري وأصوله.
يقول (سكوكروفت) مستشار الأمن القومي في ولآية بوش الأب في تقريره، الذي قدمه الى مجلس الأمن القومي في اجتماعه الذي عقد بتاريخ (23-7-1990) مايلي :
(إن سقوط الشاه ومجيء خميني للحكم، جعل الأمر يختلف، لأن الخميني مهما قدم لنا من عون، يبقى الخميني له أطماع في العراق والخليج، وهذا لا نريده، وتمكنا من تطوير الحرب الى حرب طويلة بينه وبين العراق بهدف إشغال العراق عن إسرائيل، وحرق الترسانة العسكرية التي أعطتها أمريكا للشاه.. وإن أمريكا أفهمت الخميني، والخميني أفهم أمريكا بأن العراق سيسقط خلال شهور قليلة ويكون لهم )!!
وبالقدر الذي جعل ايران قادرة على إخفاء منهجها التوسعي عن طريق (التقيه) و(الباطنية)، في زعمها المراوغ، بحيث انطلت مزاعمها (المعادية) للكيان الصهيوني، على البعض من العرب، فقد تكشفت مراميها وأفعالها القذرة على أرض العراق والسعودية والبحرين ولبنان واليمن ودول المغرب العربي، كما أسلفنا، ولم يعد أمام ايران، في العصر الراهن ألا الإعتراف بسلوكها الذي يتعارض مع المصالح العربية، ومنها مصالح العراق وشعبه المقاوم، وإدانته والعمل على تصحيحه، والتمسك بمباديء حسن الجوار، وإبداء حسن النية بالإنسحاب من الجزر العربية الثلاث في الخليج العربي، وسحب عناصرها العسكرية والإستخبارية وخلاياها المليشية من العراق، وإنهاء نفوذها فيه، لكي يصار الى الحديث عن بناء علاقات عربية – ايرانية، مبنية على توازن المصالح واحترام خيارات الآخر المشروعة التي لا تتقاطع مع مصالح الطرفين، والتمسك بمبدىء عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الطرفين ولأي سبب كان.
أما ملفها النووي، فأن ايران تحاول أن تصل الى اهدافها بإستخدام ساحة العراق ورقة ضاغطة على الوجود العسكري الأمريكي المحتل للعراق، وعلى حساب شعب العراق، كأداة تمثل وجهين، الأول : بناء قدراتها العسكرية والتقنية، وإكتساب الزمن بإزدواجية (التعاون والتصادم)، التي قد تفضي الى الوجه الثاني : وهو الإمساك بجنوب العراق للتأثير على أطراف الجزيرة العربية، بما يحتويه جنوب العراق من خزين نفطي كبير من جهة، وموقعه الذي يحتضن شط العرب، ويطل على الخليج العربي. بواسطة خلاياها ومليشياتها (المؤدلجة، والمدربة، والمسلحة) من جهة اخرى.
ما تريده ايران إذن : تطمين الأدارة الأمريكية بأنها لا تتعّرضْ لمصالحها، وإن أمن الكيان الصهيوني لا يُمسُ، حتى وإن تمكنت من السلاح النووي، وإن مطلبها ينحصر بالأعتراف بنفوذها في العراق والمنطقة. فهل تكون هذه المطالب، التي تطرحها الدولة الصفوية بصورة غير معلنة على طاولة المفاوضات، تلقى إستجابة من لدن الأدارة الأمريكية؟ وخاصة حين ينظر الى الأمر من الزاوية، التي تتلمس هذه الأدارة ما يقابل المطالب الأيرانية؟! فهل هو وجه يرمي الى إدخال حكومة الأحتلال في العناية المركزة، حيث تلتقي مصالح ايران وإدارة بوش لأنقاذها بأي ثمن، وعلى طريق المساومات الجزئية، والصفقات المؤقته؟!


يتبع
المدير
المدير
مدير الموقع

ذكر
عدد الرسائل : 468
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 01/11/2006

http://www.kifahattalaba.super-forum.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

من ينقذ أمريكا في شرم الشيخ؟ Empty رد: من ينقذ أمريكا في شرم الشيخ؟

مُساهمة من طرف المدير الثلاثاء 8 مايو 2007 - 21:43

*سوريا : بإعتبارها لآعب عربي مهم يجيد استخدام المرونة في التعامل مع معطيات الأحداث، رغم خطورتها، كما يجيد التعامل مع أوراق الضغط التي تستخدم ضده بمهارة فائقه، حتى غدى الأمر وكأن النظام السوري بات يرجح زخم جهده الوطني على حساب زخم جهده القومي أو يتوازن معه، فيما تكون علاقاته (الأستراتيجية) مع الدولة الأيرانية، مشروطة، ليست بعناصر ديمومتها، إنما تبعاً لمقتضيات الإسناد الأقليمي (وليس في هذا دفاعاًً)، وإن التحالف لا يعني، في الأغلب التطابق في كل القضايا، وإن الترابط في العلاقة هو في طبيعته هش وتناقضي وقابل للتفكك في أي لحظة حين يخف أو يتلاشى الضغط على دمشق.
ومن هذه الزاوية، فأن الضرورة الموضوعية تبرز في شكل تناقض يميل في مقترباته الى الواقع العربي أكثر من الميل بإتجاه الواقع الأيراني، مهما أعلن النظام السوري عن مثل هذه الأستراتيجية، فأنه لا يستطيع أن ينتزع جلده العربي وهويته القومية، لا من محيطه الوطني ولا من محيطه القومي الصارم، الذي هو عموده الفقري آيديولوجياً. وهذا يعني أن سوريا تظل عربية، وإن إيران تظل أجنبية، وإن مصالح الأجانب تميل الى بعضها البعض، بالضد من مصالح الأمة العربية، فيما لا تميل مصالح العرب دائماً الى بعضها، ولا تصب في المصلحة العربية العليا. وهذا هو سبب المشكلات والأخفاقات والكوارث التي تعرض لها الوطن العربي، ونظام أمنه القومي، عبر حقب التاريخ.
سوريا تسعى الى تخفيف الضغوط، التي تشدد عليها أمريكياً وإسرائيلياً وعربياً، وهي أوراق ضغط خطيرة، تمثلت بالمحكمة الدولية، والتدخل في الشأن اللبناني، و تمرير سلاح حزب الله الأيراني، وإدخالها في أول قائمة للتغيرات على طريق إقامة ما يسمى الشرق الأوسط الجديد. فمطلبها في شرم الشيخ، يتمحور حول إزاحة هذه الضغوط أو التخفيف من حدتها، مقابل تلبية بعض المطالب ذات الطابع العملياتي، تتمثل بشق صفوف القوى المناهضة للأحتلال، وعلى وجه الخصوص حزب البعث العربي الأشتراكي، لأسباب مزدوجة، منها الضرب على وتر الأختلافات الحزبية القديمة، ودفع الأتهام عن رفد الساحة العراقية بعناصر تناهض الأحتلال، وهو الأمر الذي يسعف الأحتلال في غُرف الأنعاش، ويعرض حركة التحريرالوطني العراقية للتصدع، كما ويعرض حركة التحررالوطني العربية الى الإنتكاس، وهو خطأ تاريخي قاتل. فهل تستطيع سوريا أن يكون لها تأثير على ساحة العراق ميدانياً.. أشك في ذلك.. وهل هي قادرة على تحمل ضياع نفوذها في لبنان.. أشك في ذلك.. وهل هي قادرة على أن لا تكون ممراً للسلاح الأيراني الى جنوب لبنان.. نعم لها القدرة شريطة أن تزاح عنها أوراق الضغط تلك، ويعود لها مجالها الحيوي في لبنان، وتلك مسألة يصعب تحققها بدون ثمن. أما الشروط والمطالب، فقد عجز مؤتمر شرم الشيخ عن إحتوائها أو هضمها، والسبب هو إن الراعي الأول لهذا المؤتمر يحتضر في العراق ولا سبيل أمام القوة الغازية غير الأنسحاب.
سوريا دولة ضعيفة، لم تستطع تحرير (الأسكندرونة) و (الجولان) منذ أمد بعيد، وتحاول إسترجاعها عن طريق المساومات من جهة وإنتظار تغيير الظروف وموازين القوى من جهة اخرى. وكانت لديها فرصة تاريخية لأسترجاع الجولان لو كانت قد تحالفت أو توحدت مع العراق خلال حكم حزب البعث العربي الأشتراكي. ما السبب في ذلك.. هل هو الأنانية أم اللآمبدئية أم هو شيء من المذهبية الطائفية أم هو المنع الخارجي بعدم التلاحم جيو- ستراتيجياً مع العراق، كما هو َمنعْ تواصل الجغرافيا والسياسة، بينها وبين مصر!!

* مصر : قال عنها "سكوكروفت "، سالف الذكر (إن سقوط الشاه، أسقط أحد أهم أعمدة حلفاءنا في المنطقة، وظلت فقط اسرائيل، عندها كنا قد أعددنا بديلاً عن الشاه، وهي مصر، وخاصة بعد إتفاقية كامب ديفيد، حيث أعادت أمريكا الأرتكاز على (إسرائيل) و (مصر )، وهما ركنان مهمان من أركان الأستراتيجية الأمريكية في المنطقة).. وكان هذا الكلام في إجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي بتاريخ 23/7/1990، يفضح دور مصر التآمري المعروف، فهي لا رأي لها بما تطرح أو تنصح، وهي في كل الأحوال تعد حاضنة المؤتمرات العربية، لتصريف شؤون السياسة الأمريكية في المنطقة، لأنها تقبض الثمن الأمريكي على أتعابها (2.5) مليار دولار سنوياً، أما الكيان الصهيوني فنصيبه (3.5) مليار دولار سنوياً عدا الهبات وعنابر الأسلحة المفتوحة أمامه.

* الأردن : وهو العمق الأستراتيجي للعراق حيال الكيان الصهيوني، الذي يتوجب في الأستراتيجية الأمريكية- الأسرائيلية المشتركة، أن يكون (ملغوماً) إزاء العراق، فهو مصدر من مصادر العمل الأستخباري، وإن تنفيذه لهذه المهمة، يتماشى مع (ورقة اسرائيلية) ضاغطة، منذ عهد بعيد، وهي الوطن (البديل)، وربما إلغاء الأردن بفتح أبوابه لأربعة ملايين لآجىء فلسطيني في الشتات، فضلاً عن كون معاهدة (وادي عربة) قد تكفلت بتقديم الحماية للكيان الصهيوني على طول الحدود حتى حافات البحر الأحمر.
هذا الأردن، الشريك الأستراتيجي مع الأدارات الأمريكية المتعاقبة، وخاصة إدارة بوش الأبن. مشاركته في مؤتمر شرم الشيخ جاءت في إطار توظيف الأستخبارات الأردنية في إمتدادات القبائل العربية و(صلات رحمها) بين الأردن والعراق، والعمل على محورين، أحدهما جمع المعلومات، والآخر شق الصفوف بما يعزز الحظور الأردني لدى المخابرات البريطانية والأسرائيلية والأمريكية، وبالتالي يخفف من أوراق الضغط الأسرائيلية، بشأن الحدود والآجئين الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات، ويتلقى الإسناد السياسي على الساحة الأردنية والمساعدات الأمريكية.

*السعودية : تتنازعها مسألتان مهمتان. الأولى : الزعامة الأسلامية. والثانية : زعامتها لدول الخليج العربي، ومشاركتها لمحاور التوازن في منطقة المشرق. هاتان المسألتان باتتا مهددتين إيرانياً، بعد إسقاط النظام الوطني في العراق، ليس بخيار القوة الأيرانية المسلحة، إنما بأيديولوجية طائفية مقيتة، والقاسم المشترك بين هتين المسألتين هو (النفط)، والصراع الذي يدورحول من يستطيع الهيمنة، بأي وسيلة كانت، يستطيع أن يتحكم بإنتاج وتسعير وتسويق النفط.
الهجوم الأيراني الدموي الضاغط على ساحة العراق ودول المشيخات في الخليج، التي تعتبرها السعودية نفوذها المهم إسلامياً وسياسياً وإقتصادياً، قد حفز السعوديون على تحديد خياراتهم، بالرغم من التحريض الأمريكي الدافع بإتجاه التقسيم الأقليمي الخبيث، بين دول(معتدلة) وأخرى (راديكالية)، بين (سنية) وأخرى (شيعية)، وهو إتجاه خطير يراد به إعمام الإنقسامات الطائفية من الساحة الوطنية، الى الساحة القومية، لكي يتم وضع الأمة كلها في ما يسمى بالفوضى الخلاقة Creative Chaos ))، وهي ستراتيجية تقوم على الأقتتال الداخلي والتصفيات الطائفية والعرقية، في أجواء لا أحد يعرف مدخلاتها ومخرجاتها.. كما يحصل الآن في العراق. الأمر الذي دفع السعودية الى رد الفعل، ليس محسوباً في بعده القومي، إنما في بعده الطائفي أيضا، وكان عليها أن تعزز كل إتجاه قومي ووطني يقف بالضد من الطائفية المقيتة، وليس إتجاهاً مذهبياً محدداً!!

*الأوربيون : بعضهم كان داعماً لبوش شكلياً، لأنه يرى أن حالة بوش في العراق ميؤس منها ولا رجاء في معالجتها بالمهدئات. فيما تراقب روسيا والصين والبعض الأوربي، إنغماس القوة الأمريكية أكثر في مستنقع العراق، لحسابات تتعلق بمسائل توازن القوى، وترقب ظهور القطبية المتعددة على المسرح السياسي الدولي.

*العراق : هو أحد دعامات الأمن القومي العربي قبل فراغ الأمن الذي حل فيه بإسقاط نظامه الوطني، وسيظل بعد زوال الأحتلال ويتعافى، أحد هذه الدعامات. ولهذا السبب جاء تدمير الدولة مرافقاً للأحتلال، وتمزيق شعب العراق خلال الأحتلال. العراق بحكومته العميلة فاشل تماماً، لا بل إن هذه الحكومة ميته سريرياً، الأمر الذي أضطر الأمريكيون الى إدخالها كسابقاتها في صالة الإنعاش المركز، علّها تستطيع أن تطيل في عمرها، فلا خطة أمنها، ولا جدرانها الطائفية العازلة، ولا مؤتمراتها، قادرة على إخراجها من غيبوبتها، عدا بعض الحشرجات تطلقها أحياناً، تشير فيها الى إنها ترفض جدولة إنسحاب القوات الغازية من العراق، فيما يتم جدولة وضعها السريري بإنعاشات مؤقتة، والإدارة الأمريكية تضغط في مؤتمر الشيخ على المشاركين فيه، وبعد اربع سنوات من الأحتلال، الأعتراف بهذا المسخ الميت، إعترافاً قانونياً وواقعياً.. (De Facto)(De Jour)، فهل ينطبق هذان الإعترافان على واقع الحال؟.. أبداً، فمن الناحية القانونية، إن الحكومة هي حكومة إحتلال، ولا تمثل الشعب. ومن الناحية الواقعية، هي حكومة إحتلال فاشلة وتفتقد الحالة التمثيلية الحقيقية للشعب في بعده الوطني. إذن : فأن الأعترافين القانوني والواقعي لا يجوز إضفائهما على كيان الأحتلال، إلا بعد زواله من على أرض العراق، وحتى ممارسة شعب العراق المناهض للأحتلال حقه الطبيعي في تأسيس حكومته الوطنية التعددية الديمقراطية على أرض موحدة وشعب موحد.
المزري في الحالة، التي وصلت اليها الدولة العظمى صاحبة الشأن الأول في العالم إنها باتت تتوسل أوربا والصين وروسيا لمساعدة بوش، كما توسلت وكلائها وتابعوهم على عقد مؤتمر شرم الشيخ، مع تهديدهم بأن قوى (الفوضى الخلاقة) ستجد طريقها اليهم، ولا يوجد جدار يحمي الجميع إن لم يعملوا معها!!
وتلك هي والله صرخة يأسٍ ما بعدها من يأسٍ مرٍ كالعلقمْ!!
5 / 5 / 2007
المدير
المدير
مدير الموقع

ذكر
عدد الرسائل : 468
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 01/11/2006

http://www.kifahattalaba.super-forum.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى