العراق المقاوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سفيرا أمريكا وإيران.. والموعد بغداد

اذهب الى الأسفل

سفيرا أمريكا وإيران.. والموعد بغداد Empty سفيرا أمريكا وإيران.. والموعد بغداد

مُساهمة من طرف المدير السبت 2 يونيو 2007 - 2:38

سفيرا أمريكا وإيران.. والموعد بغداد



حمدان حمدان

ما الذي يجمع بلدين لحل مشكلاتها الثنائية حسب برنامج يتعلق بوضع بلد ثالث؟! ولماذا تكون بغداد موعداً للقاء سفيرين لا علاقة لهما ببغداد أصلاً؟ وما الدافع لذاك الحرص الشديد على أمن العراق اليوم وقد كان العراق بلداً آمناً في ليله ونهاره،وأن الذين زعزعوا هذا الأمان اثنان: أمريكا وإيران.

ففي البلد الذي يجتمع فيه السفيران، تجتمع كل ضروب سياسات نفاقية تضليلية عارية من الأخلاق، ظلت إيران وأمريكا تمارسهما ضد العراق بكامل الضغينة واللؤم، وبتضخيم أراجيف مسبقة الصنع، هدفها (أبلسة)نظام العراق السابق، وجعله في مصاف الشياطين الرجم، بمروق الخروج فوق سقف الطغيان، حين بدا هتلر وستالين وموسوليني مجرد هواة إذا قورنوا بظلم صدام وأفعاله!..

فإيران بموجب صكوك سماوية مجتباه.. أخرجت البعث العراقي الحاكم عن دينه بتكفيره، كذلك أمريكا أخرجته من كل ما يتصل بالإنسانية من أخلاق، ولولا انكشاف المراوغة، لقالت أمريكا بأنها غزت العراق دفاعاً عن حقوق المسلمين هناك، تماماً مثل أن إيران كانت بمنتهى اللهفة لتحرير القدس.. ولكن عبر بغداد، فإذا ببغداد

(قََصْدنا وأنتَ السبيل )!.

اليوم تمعن إيران في إنكارها لتدخلها في العراق، وكأن الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق، من المجلس الأعلى إلى حزب الدعوة إلى التيار الصدري فالفضيلة..

وفوقهم السستاني يلوذون بالصين وليس بإيران.

فأمريكا جاءت إلى بغداد بهمّة المفاوضة مع إيران، لأنّها تعرف شدة التدخل الإيراني بل وحقيقة الأفعال الإيرانية التي تقوم هي بأدائها، أو أن غيرها يقوم عنها بالنيابة.

لابد أن واشنطن نادمةً اليوم على سماحها مع بداية الغزو، بدخول عشرات الألوف لميليشيات مسلحة من إيران، تحت غطاء المواطنية العراقية، وأن هؤلاء سيكونون رأس الجسر أمام القوات الأمريكية لاجتثاث شأفة المقاومة الوطنية العراقية، وبالفعل فإن القطيع المسلّح، (أدّى واجبه)كما رُسم له في مواجهات الفلوجة وتل عفر والقائم وسامراء وبعقوبة... حيث سالت دماء عراقية في سبيل (نصرة)الاحتلال وتكريس وجوده.

كانت الصفقة تقع تحت عنوان واحد هو العار، فميليشيات بدر والدعوة والمهدي.. إلى آخر الأطياف والأطراف والأوصاف، كانت في نهاية التحليل تقاتل حماية لجنود الاحتلال وأحياناً بالنيابة الكاملة عنهم.

ولم تكن صفقة العار، بين بلد الشيطان الأكبر وبلد المصدر في التوصيف (إيران).. تتعلق بمصير العراق قدر ما هو تقاسم مصالح على حساب العراق، فالشيطان الأكبر، يصبح في بعض المناسبات ملاكاً مبعوثاً من إرادة سماوية، تحكُم بإسقاط نظامَيْن بغيضَيْن أحدهما في كابول و الآخر في بغداد.

لقد ظلت حميمية العلاقة بين طهران وواشنطن في العراق (كذلك أفغانستان)إلى أن حان نفير الاستحقاق في التقاسم و الدور،فإيران أعطت كل ما لديها لتسهيل تطبيع الأوضاع في كامل سيرورة العملية السياسية لصالح الوجود الإحتلالي في العراق، فإضافة إلى الميليشيات المسلحة التي تقاتل في سبيل برنامج إيراني ظل مندمجاً مع هدفٍ إحتلالي أمريكي، فإن إيران لم تعترف يوماً، بشرعية المقاومة الوطنية من الناحية السياسية، كما أنها لم تعترف بشرعيتها الدينية، بل أسبَغتْ عليها أوصافاً، تحمل الأوصاف ذاتها لما يطلقه عليها الأمريكيون، من حيث هي إرهاب.

أمّا بالنسبة للعملية السياسية، فإن إيران كانت على رأس الدول المؤيدة لإنشاء مجلس الحكم الانتقالي وهو ما وضع العراق على طريق التقسيم في محاصصة صريحة طائفية وإثنية...

ومن مجلس الحكم الانتقالي مروراً برد السيادة فالحكومة المؤقتة إلى الإنتخابات فالجمعية فالدستور فالفدرلة وإلى إخراج العراق من عروبته.. ومازالت الماكينة الرسمية لطهران في حالة تأييد مفتوح.. كذلك ظلت فتاوى السستاني من مرجعية صامتة، تملأ أفق العراق بتأويلات قابلة للإنكار أو التثبيت، حيث برنامجها المزدوج، مرضاة الأمريكين وتسهيل البرنامج الإيراني في العراق.

وكان على الصفقة أن تستقر على حال، فالتقاسم بين أمريكا، وهي القوة العظمى الأحادية في العالم، وبلد ثالثي مثل إيران، لم يكن يخطر على بال واشنطن، لولا النتائج الفعّالة لأداء المقاومة، كما أن إيران لم تكن لهذا الدور الندّي مع بلد مثل أمريكا، لولا الإخفاقات المتصاعدة لسيطرة الاحتلال واستقراره، وهكذا تقطف إيران ثمار غيرها من سواعد المقاومة العراقية، فإيران تعرف عمق المستنقع الذي غطست فيه أقدام أمريكا في العراق، فضلاً عن أن أمريكا تعرف عمق مستنقعها العراقي، وما نصيحة لجنة بيكر وهاملتون باللجوء إلى التفاهم مع الجوار، (بصورة خاصة ومحددة إيران)، إلا شيء من قبيل المعرفة.

وأمام هذا المشهد، فإن متقابلات البرامج والمصالح، باتت تتسم بآيات شتى من التعقيد، فالإدارة الأمريكية يمكنها أن تتسامح بدور مسقوف لإيران في العراق، شريطة التمسك بالهدف الجوهري الذي بسببه كان الغزو، وإيران تطالب بوضع أجندة للرحيل الأمريكي من العراق، وأمريكا من جهتها تطالب بوقف تخصيب اليورانيوم مقابل سلة من حوافز مادية وتجارية وتكنولوجية، فيما إيران تظهر أن ملفها النووي السلمي، هو مسألة مصير أمة في تطورها ومستقبلها، وما من ريب أن الدخول الإسرائيلي هنا، لا يتمتع بأي هامش للسماح بأن تصبح إيران دولة نووية لا سلمية ولا حربية، ومع هذه المسائل الشائكة فإن أمريكا لا تفترض لإيران دوراً في خليج النفط العربي، لأن هذه المسألة بذاتها، هي التي بإمكانها أن تسجل مغامرة نووية في العصر الحديث.. وفي المحصلة فإن نصيب إيران في الكعكة العراقية، وفي حدود السماح الأمريكي، يبدو أقل من أن يغطي سعة الفرجار في المطالب المتقابلة، فضلاً عن أن إيران تطالب أمريكا بالكف عن تهديد أمنها القومي بشتى صور التحشّد العسكري البحري والجوي بالقرب من حدودها الإقليمية.

وترتفع سقوف المطالب من الطرفين، طالما أن إيران تدرك حقيقة الوضع الأمريكي داخلياً وعراقياً وعالمياً، كما أن أمريكا لا تقصّر في إظهار همّة الردع من حيث هي القطب الأقوى في المرحلة العالمية الراهنة، ومع أن الخيار العسكري مؤجل إلى حين إنضاجه فإن لعبة الوقت تصبح هي الأهم، فبالنسبة لإيران فإنها هي المستفيد من إطالة الوقت وتمديده في ظل سياسات مد وجزر وتصريحات متفاوتة بين الإستعداد للمجابهة و طلب المفاوضات والحوار، أما الولايات المتحدة، فإن ثمن الوقت يجري في حسابات خسائر بشرية ومادية يومية، ولعل تصعيد المواقف الإيرانية وانخفاض الصوت الأمريكي، إنما يعود الفضل فيه للمقاومة العراقية، ذات المظهر الحريري، خاصة إذا كانت الأثمان تؤدّى من مخازن آخرين، ومهما كانت نتائج المفاوضات بالسلب أو الإيجاب، فإنها نتائج لا تأكل من رصيد الربح الإيراني المتحقق أصلاً من إسقاط نظامين في أفغانستان والعراق.. حيث بدت الساحة مفتوحة للاعبين غرباء، نيابة عن أهل الأرض والقضية.

يقال والعهدة على المحللين السياسيين، بأنها هي المفاوضات الأولى بين طهران وواشنطن منذ سبعة وعشرين عاماً، ونحن نعترض، لأنه ليس تعريفنا لمفهوم المفاوضات، فالمفاوضات غير المباشرة في التعريف الدبلوماسي هي مفاوضات، كذلك هي المفاوضات السريّة المخبوءة وراء الكواليس، وقد جرت مياه غزيرة في أنهار إيران، وهي في حالة تفاوض غير علني مع واشنطن، ففي ظننا أن الإفراج عن رهائن السفارة الأمريكية مع بداية الثورة الإيرانية كان نتيجة مفاوضات لم يعلن عنها، وإلا كيف يمكن الإستنتاج بأن الإفراج في توقيته كان لصالح المرشح الرئاسي رونالد ريغان وضد المرشح المنافس جيمي كارتر؟

وهل كانت هذه واحدة من الهدايا الإيرانية لرئيس يميني صاعد؟

كيف يمكن للعقل أن يقبل بأن فضيحة (إيران كونترا )، وهي سلاح إسرائيلي لإيران بواسطة أمريكية بطلها كابتن في الجيش الأمريكي (أوليفرنورث ).. إنما جاءت هكذا دون مفاوضات مسبقة، كيف يمكن الإستنتاج أن طائرات الوديعة العراقية وعددها (173)طائرة عسكرية ومدنية.. كانت قد لجأت إلى مطارات إيران، دون إعلام إيراني مسبق لواشنطن، وتحديداً إعلام مسؤول الأمن القومي الأمريكي جنرال سكوكرفت!..

وإلا كيف سمحت لها الطائرات الأمريكية بالعبور من أجواء العراق إلى أجواء إيران دون التعرض لها، فيما كان التحضير لحرب عاصفة الصحراء (1991)جارٍ على قدم وساق.

كيف هي المفاوضات الأولى منذ ثلث قرن، دون مفاوضات ما مع احتلال أفغانستان واحتلال العراق.. وإلا لماذا كانت السفارة الإيرانية في كابول هي أول اعتراف من دولة إسلامية بشرعية الإحتلال، ولماذا لم تنطق طهران بكلمة لا واحدة في وجه مجلس حكم طائفي وتحاصصي، بل بالعكس، دفعت للمشاركة فيه مع المشاركة بكامل العملية السياسية التي جاءت بعده..

وهل يمكن لكل هذا أن يكون هبات دون مفاوضات؟!

إن هذا الخطاب لا يهدف لتوكيد ما هو مؤكد أصلاً فالسكوت عنه، رغم حضور الرعاية الرسمية العراقية، هو القضية العراقية نفسها، رغم لوك الكلام بأن المفاوضات في بغداد، إنما تتصف بوضع العراق دون غيره، فما هو صحيح في هذه الجزئيّة، أن النقاش بخصوص العراق هنا، يدور حول نسبة التقاسم بين طرفين احتلالَينْ على حساب العراق، فالطرف الثالث مُغيّب، حتى لو حضر المالكي ورَكبُه الطائر على جناح أمريكي أو إيراني.

لم تقتنع أمريكا، أنها تلجأ من أجل خلاصها من المستنقع العراقي، للمكان الخطأ، فليست إيران هي التي أوقعتها في هذا المستنقع، إنما المقاومة العراقية الوطنية، ولذلك فإن المقاومة هي الطرف الوحيد المرشح لانتشال أمريكا من ورطتها..

إن الإشكالية التاريخية بين شيطان أكبر ومحور شر نابعة أساساً من خطيين عقائديين كهنوتَْييْن ينطلق أحدهما في مواجهة الآخر، ولا علاقة لشعب العراق بهذه التوصيفات الكهنوتية، أما اتخاذ بغداد مقراً لمفاوضات، فلإظهار القوّتين الفاعلَْتين في العراق، ويقيناً فإن القوة الثالثة المُغيّبة هي التي ستقرر، مصير العراق، لا طهران ولا واشنطن.

المدير
المدير
مدير الموقع

ذكر
عدد الرسائل : 468
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 01/11/2006

http://www.kifahattalaba.super-forum.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى