فك الحصار

كان المساء يزحف نحو النهار, و يرسله خلف عتمته, كان الملك البدين يلقي خطبته التي تعود الشعب عليها في ذكرى اعتلائه العرش, كان الشباب مجتمع عند الاستراحات يتصارعون على المواقع التي تمكنهم من مشاهدة المياراة بوضوح, كان النسيم يحمل صوت المؤذن و يدور به حول احياء الدينة و يعود باصوات الانين و الحنين, كان صادق يغمض عينيه يهزم المساء و يرحل الى دار لا تخترقها العتمة و لا يزورها المساء.
اخذت ام صادق تفتح عيني ولدها و تصرخ, و لكنه يعود يغمض عينيه ليلحق باصحابه, راحت النساء تواسي ام صادق و تجرها بعيدا عن صادق الذي صدق الله و صدقه الله.
صرخ الملك البدين على الشاشة المهجورة في الاستراحة: سوف تبقى القدس عربية اسلامية و ستبقى فلسطين مهد الديانات و الانبياء. لم يعر اي من رواد الاستراحة بالا للملك الذي كان يزمجر و يعلن ما اعلنه منذ عشرين عاما.
انفجر المتفرجون فرحا عندما سجل ابوتريكا هدف التقدم للمنتخب المصري و تعالت الصرخات في الحارات الضيقة تحمل الخبر الى الشوارع الواسعة و منها الى التلال البعيدة ... قتل رستم ... قتل رستم ... فتهللت وجوه الناس و استبشروا بالنصر.
حمل الشباب الصادقون صادق على اكتافهم و زفوه الى استراحة الشهداء في بيت حانون, في انتظار موكب السماء ليحمل صادق الى داره في عليين.
انفكت الجموع عن الاستراحات و مازال الملك يلقي خطابه, و عاد الشباب من استراحة الشهداء يندبون حظهم و يتمنون اللحاق بصادق, جاءت النساء تهنيء ام صادق و انطلقت الزغاريد في انحاء المدينة تبارك اعلان الملوك فك الحصار ... و انطلق الاعلام الحر يناقش التطورات الميدانية التي ستشهدها الارض بعد فك الحصار, و خصصت النشرة الاقتصادية للنمو الذي ستشهده الارض بعد فك الحصار... و انطلق الناس مستبشرين فجاء الخبر اليقين بان بعض الملوك غير مرتاحين لفك الحصار ثم قرر الملوك تاجيل التنفيذ.
تفرقت الجموع و بقيت ام صادق و ابو صادق وحدهما في بيتهم المهدم, ينظر اليها بطرفي عينيه فيراها تحدق فيه فيغمض عينيه و ينحب ثم ياتي الانفجار فيزيل بقايا البيت و يلحقهم بالنهار