المقاومة الوطنية في العراق : لماذا وكيف ؟

المقاومة الوطنية: لماذا وكيف؟

"نحن الجيل العربي الجديد نحمل رسالة لا سياسة ومبادئ لا نظريات"، بهذه الكلمات بشّر الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق رحمه الله بولادة مرحلة جديدة من حياة الأمة العربية بقيادة وتحت راية نوع فريد من الرجال يحملون رؤوسهم فوق أكفهم ويحلمون بانتفاضة ونهضة واستقلال الأمة ويسعون جاهدين لنفض غبار الذل والمهانة والاستكانة عنها.

فالأمة العربية التي حملت عبر تاريخها الطويل إلى العالم بأسره رسالة الكتابة والتوحيد والعلم والتسامح، هي أمة بالضرورة حية، قادرة على النهوض ومواصلة دورها التاريخي، رغم الآلام والحروب والمؤامرات والانكسارات، وأمة أنجبت محمد نبي العالمين، وحمزة وعلي وصلاح الدين الأيوبي وجمال عبد الناصر وصدام حسين، لقادرة على إنجاب الأبطال والمجاهدين الذين يبرزون اليوم تحت عنوان المقاومة الوطنية الباسلة في العراق.

وكما أن لكل جواد كبوة، فإن لكل مرحلة من تاريخ الأمم والشعوب، رجالات من نوع خاص يلبون نداء الواجب حينما يختل التوازن في القيم والمفاهيم، ويستكين عامة الناس إلى التقوقع والخنوع، والخمول والرضاء بالأمر الواقع تحت مسميات شتى، كالانحناء إلى العاصفة والتمسكن من أجل التمكن وانتظار تحقيق التوازن الإستراتيجي مع العدو، والتقية في مفهومها المذهبي وغيرها من الشعارات التي تدل في باطنها وظاهرها على روح الاستسلام والمذلة.

إن الجيل العربي الجديد ممثلاً اليوم أحسن تمثيلاً في المقاومة الوطنية الباسلة في عراقنا المجيد، مطالب بتقديم نموذج حي وخلاق لذلك النوع من الرجال الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل وحدة هذه الأمة واستقلالها وحريتها، ويقدمون مصالح وآمال ومطامح الأمة على مصالحهم الآنية الضيقة، ويجسدون مبادئ وقيم العدالة والحرية والمساواة وحقوق الإنسان على الأرض، ومن خلال ممارساتهم اليومية أثناء التعامل مع جحافل الاحتلال الصهيوني - الأمريكي وحلفائه عرب الردة من الصفويين الجدد.

كما أن الجيل العربي الجديد مطالب كذلك بتمييز نفسه عن باقي المظاهر المسلحة في العراق العظيم، فالمقاومة أخلاق ومبادئ أو لا تكون مطلقاً، وليست مجرد حمل للسلاح وضغط على الزناد، إذ أن حمل السلاح وحده لا يكفي، فحتى عصابات الإجرام والنهب والتقتيل العشوائي، ومافيا السلب والإجرام وفيالق الغدر الصفوية المتصهينة تحمل السلاح كالحمار يحمل أسفاراً ليس لها غاية أو هدف سامي تناضل من أجله وتسعى لتحقيقه، فهي في الخلاصة مجرد بنادق للإيجار تستعمل لمن يدفع أكثر وتتحالف مع الشيطان إن لزم الأمر، وتتوجه إلى صدور أبناء الشعب وأفواه الشرفاء منه لتسكت المنادين بإخراج المستعمر، وتلجم الصارخين في وجه الاحتلال.

إن المقاومة الوطنية يجب أن تكون خلاف ذلك، ونقيضه سيف الأمة المسلول على رقاب أينعت وحان قطافها من المرتزقة والمجرمين مهما كانت مللهم ومذاهبهم وطوائفهم، عرباً كانوا أم كرداً، كل ما من شأنه أن يقف عائقاً أمام النهوض بعبء طرد الاحتلال وأذنابه، وأهم من ذلك كله أن تكون المقاومة خير مدافع عن شرف وقوت وحياة ومقدسات العراقيين، لأنها في الحقيقة منهم، وبهم تنمو وتتطور وتكتسب الخبرات، والدعم المادي والمعنوي، فلا مستقبل لمقاومة معزولة عن الشعب ولا نجاح لها إلا بالشعب ومن خلاله.

وعلى هذا الأساس فإن أخلاق وقيم الجيل العربي الجديد ممثلاً في المقاومة الوطنية، هي الخيط المميز بين حملة السلاح الشرفاء المجاهدين النشامى، وبين من يحملون السلاح لخدمة أهداف وخطط الاحتلال، وعلى رأسهم "فيلق" الغدر والخيانة، وأنصار ما يسمى بأ"حزب الدعوة الإسلامية" الذين لا وطن لهم ولا وطنية، فولاؤهم للأجنبي معلوم، وخيانتهم للوطن معروفة لدى القاصي والداني.

وبهذا تكون المقاومة الوطنية في عراقنا المجيد خير سفير للأمة العربية لدى شعوب العالم المناضلة من أجل استقلالها، بل ورائدة لتلك الشعوب، ومعلمة لها سبل الخلاص والإعتاق والتحرر، وسوف يحفظ التاريخ للمقاومة العراقية أنها أشرف وأعظم وأصدق من تولى مقارعة الامبريالية الأمريكية وأذنابها على وجه الأرض، وهذا هو بالضبط معدن الجيل العربي الجديد المتجدد، الذي بشر به رفيقنا القائد المؤسس رحمه الله وترجمه أبناء العروبة في العراق على أرض الواقع، ومن خلال عنوان ثابت وأبدي - المقاومة الوطنية العراقية.

عزالدين بن حسين القوطالي

تونس في : 18/12/2006