الدكتور عبد المجيد الرافعي في المؤتمر القومي الإسلامي
صفحة 1 من اصل 1
الدكتور عبد المجيد الرافعي في المؤتمر القومي الإسلامي
الدكتور عبد المجيد الرافعي في المؤتمر القومي الإسلامي:
لا يجوز الاختلاف حول شرعية مقاومة الاحتلال أو عدم شرعيتها
العراق: دعم المقاومة الوطنية في العراق تعتبر من أولويات الأمة
لبنان: الحد من تأثيرات الخارج شرقاً وغرباً، التي تعمل على تطويع الساحة اللبنانية.
فلسطين: ندعو بإلحاح جميع الفصائل الفلسطينية إلى التوحد في وجه العدو الصهيوني
من خلال مشاركته في اجتماعات المؤتمر القومي الإسلامي المنعقد في دولة قطر، في 21-22/ 12/ 2006
ألقى الدكتور عبد المجيد الرافعي الكلمة الشاملة التالية:
أيتها الأخوات، أيها الأخوة،
أتوجّه بالتحية إلى كل الذين أسهموا في تأسيس هذا المؤتمر، والذين تابعوا الطريق، من أجل تثبيت مؤسسة حوارية على المستوى العربي التي نحن بأمس الحاجة إليها، قبل الآن وبعده، بعد أن تقوقعت كل التيارات حول ذاتها، مكتفية بما حددته لنفسها من ثوابت وأسس فكرية وسياسية من دون الالتفات إلى معتقدات الغير واتجاهاتهم الفكرية.
من خلال هذا المنبر، اسمحوا لي بأن أُسهِم بالإضاءة على بعض الأسس العامة التي نحن بحاجة إليها لتساعدنا على تصويب مسار الأمة لتأخذ دورها في حل مشاكلنا. أمتنا اليوم تكاد تكون قد استقالت من مهمتها وأوكلتها إما عجزاً أو تبعية للقرار الآتي من خارجها.
قبل البحث عن سُبُل التعاون بين التيارين، القومي والإسلامي، أرى أنه لا يمكن متابعة تصويب مساراته قبل تحديد واقع الأمة المُعاش، والتي نحن من أجلها نجتمع الآن للتشاور واتخاذ المواقف المبدئية التي تصوب نظرتنا إليها.
تواجهنا، منذ الحرب العالمية الأولى، أي بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، مشكلتان:
-الأولى، هل أن أمتنا هي أمة مكتملة الخصائص، نستطيع أن نسير بها نحو وحدة سياسية؟ أم هي جزء من مشروع أممي، سواءٌ أكان دينياً أم مدنياً علمانياً.
-الثانية، وهي ذات علاقة وثيقة بالمشكلة الأولى، أن أمتنا تتعرَّض، بالجملة أو بالتفصيل، إلى مخططات عدوانية خارجية مُوجَّهة ضدها، سواءٌ من الأبعدين أم من الأقربين.
إن اتفاقنا حول تعريف هوية الأمة، وتعريف العدوان الذي تتعرَّض له، يضعنا أمام مهمتين غير موجودتين لدى أغلب الأمم الأخرى، وهما: مهمة الاتفاق حول النظام السياسي وأسسه، ومهمة التحرر الوطني من الاحتلال، أو التهديد به. فإذا كانت مشاكل الغالبية العظمى من دول العالم محصورة بأسس تطوير أنظمتها السياسية، فنحن نواجه المهمتين معاً.
ولذلك، فإننا نتمنى على مؤتمرنا هذا أن يميِّز بالمواقف بينهما، وتحديد أولويات النضال لأجلهما. واستناداً إلى مفاهيمنا، من داخل التيار القومي، نرى أنه إذا كانت التعددية حول نوع النظام السياسي، ومحتوى هذا النظام، مشروعة وضرورية، فلا نرى الأمر ذاته بالنسبة للشق الثاني من مهماتنا، وهو مهمة التحرر والتحرير الوطني والقومي.
فبالنسبة لمهمة التحرير الوطني نرى أن التعددية في الآراء هو مقتل للأمة، فلا يجوز أن نختلف حول شرعية مقاومة الاغتصاب أو الاحتلال أو عدم شرعيتها. بل الموقف الذي لا جدال فيه، كما نراه هو أن مقاومتهما هي شرعية بكل المقاييس الوطنية والدينية والأخلاقية والإنسانية، بل نعتبرها مسلمة لا يجوز النقاش فيها على الإطلاق، لأنه بغير ذلك نواجه الموقف الصعب، ونكون كمن نتجادل حول شرعية القيم الإنسانية أو عدم شرعيتها.
لذلك أيها السادة، ولأن عدوان الخارج مرفوض بشتى مقاييس القيم الإنسانية، ومضمونُها حماية السيادة والدفاع عن الكرامة.
ولأن أمتنا العربية تتعرض لهذا النوع من التحدي في أكثر من قطر عربي، لا سيما في فلسطين والعراق ولبنان والسودان وغيرها، يتوجب علينا أن نكون موحدين بمختلف تياراتنا، نضالياً وجهادياً في مواجهة هذه التحديات.
وانطلاقاً من الواجب القومي، فإننا نقف بكل طاقاتنا إلى جانب المقاومات الميدانية في هذه الأقطار.
إن إنجاز الأمة لمعارك التحرير ومواجهة الأطماع تشكل منطلقاً لمهمة بناء أنظمة سياسية تلعب فيها التعددية دوراً مميزاً في عملية البناء، لذلك فالمطلوب من أقطار الأمة ومجتمعاتها أن تنخرط في هذا الواجب المقدس، وعندها تكون هذه الأمة قد دخلت طور تنفيذ التوازن بين عمليتي التحرير والبناء.
أيتها السيدات أيها السادة...
إننا نرى في الاحتلال العسكري المباشر للقطر العراقي تهديداً مصيرياً وخطيراً، فهو يعيد الزمن إلى الوراء حيث كانت الحملات العسكرية العدوانية للقوى الاستعمارية تحتل أراضي الدول الأخرى لسلب استقلالها ولاستغلال مواردها، ونهب خيراتها، ومع ازدياد موجة مكافحة الاستعمار والدعوة إلى تحرر الأمم من مغتصبيها، فإن ما يجري اليوم في العراق يشكل انتكاسة وتراجعاً ليس للأمة العربية فحسب، بل لكل القيم والمبادئ الإنسانية التي ناضلت البشرية لتثبيتها كمبادئ أساسية للعلاقات الدولية.
من هنا، فإننا نرى في الرغبة المحمومة في استمرار سفك الدماء العراقية. والحكم بإعدام الرئيس الشرعي صدام حسين، تجاوزاً لكل الشرائع والقيم الإنسانية.
ويجب أن تكون دافعاً لكافة الحكومات العربية، والمؤسسات الوطنية والقومية والإسلامية، والمنظمات الدولية، للتدخل الفوري لوقف هذا العبث بشؤون العدالة في العراق والإفراج عن الرئيس القائد صدام حسين ورفاقه.
لذلك، فإن دعم المقاومة الوطنية في العراق، يجب أن تعتبر من أولويات الأمة حيثما وجدت، سيما وأن عمليات المقاومة العراقية الباسلة في تصاعد واستمرار كبيرين، نوعاً وكماً، مما وضع الإدارة الأميركية في مأزق تلو المأزق، وأوصلها إلى طريق مسدود، مبشرة بأن الغزو الأميركي-البريطاني سوف يُمنى بالفشل الذريع وبالهزيمة الإستراتيجية، في حين أن انتصار إرادة شعب العراق وطليعته المجاهدة، المقاومة العراقية، سيكلل جبين العراق والأمة العربية بالغار والفَخَار، رغم ضراوة الاحتلال، ورغم دفعه وعملائه بفرق الموت لقتل المدنيين ونشر الإرهاب في كافة أرجاء العراق.
أما بالنسبة لفلسطين، فإن إقامة الكيان الصهيوني الغاصب على هذه الأرض الطاهرة منذ ما يزيد عن الخمسين عاماً، لم يستطع فرض نفسه كأمرٍ واقع في وقت لا تزال مقاومة هذا الكيان تتأجج وتزداد اندفاعاً وضراوة بالرغم مما صار يحيط بالقصية الفلسطينية من مؤامرات وقيود تجد ترجمتها العملية في العديد من الاتفاقيات التي أبرمتها أنظمة عربية مع الكيان الصهيوني.
وما يصح في اعتبار دعم المقاومة العراقية واجباً شرعياً وقومياً ووطنيا، ينطبق بالأحرى على مقاومة شعبنا في فلسطين بمختلف تياراته السياسية والعسكرية، فهي رأس الحربة في الصراع العربي-الصهيوني.
وإذا كانت هذه المقاومة تمر اليوم، بأزمة علاقات داخلية محورها الاختلاف على شرعية تمثيل الشعب الفلسطيني، فإننا ندعو وبإلحاح جميع الفصائل والأطراف الفلسطينية إلى التوحد في وجه العدو الصهيوني وتحت أي صيغة تراها مناسبة، فلا يجوز أن يتحول هذا الاختلاف إلى صراع دموي، واقتتال داخلي يحقق للعدو الصهيوني ما يخطط له منذ اغتصب هذه الأرض.
أما في لبنان، أيها السادة، هذا القطر العربي الذي تعرض للاجتياح الصهيوني عام 1978م، ثم عام 1982م، واحتلت عاصمته بيروت، فإن المقاومة الوطنية اللبنانية التي انطلقت مبكراً تُوجت باندحار المحتلين عام 2000 تحت إصرار الشعب اللبناني بمختلف طوائفه على التضحية والبذل والاستشهاد في سبيل التحرير والكرامة، وأن عدوان صيف 2006 الإجرامي ومواجهته البطولية، مقاومةً باسلة، وشعباً صامداً، أدت إلى إخراج المعتدين من لبنان مرة أخرى، ولكن ذلك لم يكن الحل النهائي للاحتلال حيث ما زالت أراضي لبنانية محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وغيرها، وهذا الواقع يفرض على الأطراف اللبنانية بمختلف أطيافها وتياراتها السياسية، أن تقف صفاً واحداً لاستكمال مهمة التحرير بشكل يسمح لها بتجاوز الخلافات السياسية والمذهبية والطائفية التي بدأت ترخي بظلالها على كل مناحي الحياة في لبنان.
إن الأزمة التي تقترب من حافة الانفجار بعد انسداد آفاق الحلول في لبنان، ما كانت لتصل إلى هذا المستوى لو تصرف الجميع بمسؤولية وطنية جامعة وأقدموا على تقديم تنازلات متبادلة لمصلحة الوطن ليتمكن من مواجهة تحديات الداخل وما تحويه من مشاكل ومن أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية ومطلبية، والحد من تأثيرات الخارج شرقاً وغرباً، والتي تعمل على تطويع الساحة اللبنانية بما يخدم هذا الخارج.
ومن هنا، ندعو جميع الفرقاء في لبنان إلى أن يعيدوا النظر في حساباتهم وأن يراجعوا الماضي البعيد والقريب بكل معطياته ليعرفوا جيداً أن سياسة الغالب والمغلوب لم تجد مرتكزاً لها في لبنان. وهذا ما جعل كل فصل من فصول الأزمة اللبنانية مفتوحاً على تسوية يشعر الجميع أنها ليست على حساب هذا الفريق أو ذاك.
أخيراً، أيها السادة، نرى أن فعالية هذه المؤتمرات التي نشارك فيها لن تحقق هدفها إذا لم يتم تعميم ثقافة التحرر والوحدة على الجماهير العربية الواسعة، حيث هي الوسيلة الوحيدة التي تحوِّل أفكار هذه المؤتمرات وغيرها إلى واقع تطبيقي بعد أن تتبناه جماهير شعبنا على الصعيدين الوطني والقومي، وهذه الثقافة هي الأداة الفاعلة في مواجهة ثقافات التفتيت والتفرقة التي يخطط لها أعداء الأمة.
ونؤكد في هذا المجال، على أهمية تصعيد المواقف الجادة والفعالة للقوى الحية في الأمة لمواجهة العدوان الامبريالي الصهيوني، أينما كان، في العراق وفلسطين ولبنان والسودان.
وأن الانتصار في العراق هو انتصار لفلسطين وتجنيب للبنان والسودان والصومال، المزيد من التشرذم والفتن وتغلغل المخططات الامبريالية الصهيونية.
وعلى هذه الأسس، فإننا نتقدم إلى مؤتمركم الكريم، وبالاستناد إلى ما تقدم آنفاً، بالمقترحات التالية:
1-توحيد تسميات المقاومة وطنياً بعيداً عن التفرقة والتناحر.
2-العناية بتوحيد الرؤى الفكرية والسياسية: وهنا ندعو المؤتمر إلى تشكيل لجنة فكرية تعد أوراق عمل تكون نواة لورشة عمل توحيدي بين التيارين القومي والإسلامي، وتدعو لمناقشتها في مؤتمرات موسَّعة يُدعى إليها المفكرون من التيارين معاً.
3-وضع خطة تنظيمية بعد الانتهاء من توحيد الرؤى الفكرية والسياسية، هدفها تعميم هذه الرؤى على مختلف شرائح المجتمع العربي وبوسائل إعلامية فعّالة.
ختاماً، نتوجه بالتحية إلى أبطال ومجاهدي مقاوماتنا العربية حيثما وجدت، كما نتوجه بالتحية إلى الأسرى في السجون والمعتقلات، والمجد والخلود لشهداء الأمة الأبرار.
تحية لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في 21/12/2006.
مواضيع مماثلة
» نص كلمة الدكتور عبد المجيد الرافعي
» الدكتور عبد المجيد الرافعي يُعلن وصية القائد الشهيد
» تصريح الدكتور عبد المجيد الرافعي حول تفجيرات المتن الشمالي
» بيان المؤتمر القومي العربي الدورة (18)
» المؤتمر الدولي حول العراق : لماذا ؟ وما هي مخاطره ؟
» الدكتور عبد المجيد الرافعي يُعلن وصية القائد الشهيد
» تصريح الدكتور عبد المجيد الرافعي حول تفجيرات المتن الشمالي
» بيان المؤتمر القومي العربي الدورة (18)
» المؤتمر الدولي حول العراق : لماذا ؟ وما هي مخاطره ؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى